ابتسمَت، أسنانها بيضاء نظيفة، وجديرة بالابتسام. كانت جميلة فعلاً، وتصلح ممحاة لكوابيس الدنيا كلها، لا كوابيسي وحدي. ولولا أنّني سارق أرواح متأرجح العواطف، وصاحب مهنة تستوجب عزلة كبيرة، ويقظة، واستهانة بالدنيا كلها، لتعمّدت أن أحبّها، وأن أخترع اشتهاءً حارّاً من أجلها، وربّما آخذها فوراً إلى أيّ ركن ساتر، لأنال قبلة. القاتل راهب. هكذا تعلّمت وحدي ولم يعلّمني ديباج أو أحد غيره. الفرق أنّ الراهب يتعبّد بعزلته، بينما سارق الأرواح يستنجد بها من الافتضاح. لم تتوقف كثيراً، ولا حيّت ديباج حتى، ولا هو أجّل انشغاله قليلاً وطالعها. كان يكتب تميمته بهدوء، وانسجام مدهش، بينما تخرج من حلقه دندنة طفيفة، كأنّها أغنية، أو كأنّها محاولات أغنية. في تلك اللحظة خطر لي أن أسأله عن عمرها، عن ميولها، عن سعة الأحلام في ليلها، عن وظيفة حلمتَي أذن مثقوبتين بلا حلق يلمع، ولم أفعل، كان مجرّد خاطر بزغ في الذهن قليلاً وانزوى. مددت بصري في اتجاه تمايلها وهي تبتعد، كانت وحيدة، وخطر لي أنّ في ظهرها الرقيق حزناً قاتماً، ولم أستطع أن أعرف كيف يرتسم الحزن على ظهر امرأة.